بالرغم من أنّ البثّ الصوتي / الجيبي، أو البودكاست بات من أهم وسائل الإعلام الجديدة، وبالرغم من المزايا والمغريات التي تحيط به، إلا أن الكثيرين –خاصة في البلاد العربية– ما يزالون متردِّدين في إطلاق برامج بث صوتي أو بودكاست لهم ونشرها على الإنترنت، لوجود عقبات وحواجز بعضها واقعي وكثير منها تخيّليّ، جاء نتيجة أفكار غير صحيحة عن هذه التقنية.
فإذا كنت تفكّر في إطلاق برنامج البث الصوتي، أو البودكاست الأول لك، لكنك لم تفعل حتى الآن، فربّما تكون من أولئك الذين وقفت هذه الحواجز أمامهم.
في هذا المقال سنحاول استعراض أهم الحواجز التي تمنع الراغبين في دخول مجال البث الصوتي أو البودكاست من الانطلاق، لنقدّم الحلول لتجاوز هذه الحواجز وإزالتها، أو لتأكيد عدم وجودها في الواقع أصلاً، لأن كثيراً منها هو افتراضات مسبقة وغير صحيحة.
١– البث الصوتي (البودكاست) معقّد ويحتاج إلى شخص ملمّ بالتقنية:
هذه تكاد تكون الفكرة الأولى التي تمنع الأكثر من بدء برنامج البث الصوتي (البودكاست) الخاص بهم على الإنترنت.
فالكثير يعتقد أنك تحتاج إلى خبرة عالية بالأجهزة والأدوات اللازمة للبث الصوتي (البودكاست) أو البرامج الصوتية والمواقع واستضافة الملفات وغيرها.
ولتجاوز هذا الحاجز، ينبغي أن تعلم أن إطلاق برنامج بودكاست على الإنترنت أصبح سهلاً جداً وفي متناول أي شخص لديه الخبرة الأساسية في التعامل مع الإنترنت والحاسب والأجهزة الذكية.
٢– أنا أكره صوتي!
إذا كنتَ ممن يكره الاستماع إلى صوته مسجًّلاً، فأبشرْ.. لستَ وحدك في هذا الأمر، فالغالبية العظمى من منتجي برامج البث الصوتي (البودكاست) لا يحبون أصواتهم، بل يصل الأمر ببعضهم إلى أن يسجّل الحلقات ولا يستمع إليها أبداً. وكثير منهم يحاول استخدام مختلف لواقط الصوت “المايكات” وخاصة غالية الثمن، ويقوم بتعديل صوته بأفضل البرامج معتقداً أن ذلك سيُحسّن صوته ويجعله شبيهاً بأصوات المذيعين في الإذاعات التقليدية.
وهذا الأمر طبيعي، فالإنسان يسمع صوته بهيئة مختلفة عن الهيئة التي يسمعه بها بقية الناس، لأن الإنسان اعتاد على سماع صوته من داخل الجسم ولم يتعوّد أن يسمع صوته قادماً من الخارج، وذلك يسبّب له سماع صوته مختلفاً عما اعتاد عليه ويعتقد أن الناس يسمعونه هكذا.
والبعض اعتاد على سماع الصوت الفخم لمذيعي الإذاعة (الراديو)، ويظنّ أنك إذا لم تكن صاحب صوت إذاعيّ فلن تنجح، وهذا خطأ، لأن أولئك المذيعين وُظّفوا في الإذاعة من أجل أصواتهم لا من أجل ما سيقدّمون.
وإضافةً إلى ذلك، فإنّ المستمعين لهم أذواق، فقد لا يعجبك صوتك، ولكنه يعجب غيرك.
كما أنّ أكثر المستمعين لا يهتمون بصوتك بل بما تقدّمه من محتوى جيد، فما دمت مركّزاً على إعداد وإنتاج محتوىً جيد فأنت في الطريق الصحيح ولا تهتمّ بصوتك.
٣– محاولة الكمال والمثالية في إنتاج برنامج البودكاست:
من أهمّ القواعد في إنتاج البودكاست: “المثالية تقضي على البودكاست”، فإذا كنت ممن يعتقد أن البرنامج لا بدّ أن يكون مثاليًّا وخالياً من الأخطاء والعيوب، وتحاول أن تصل ببرنامجك إلى أعلى معايير الجودة، فإنك لن تصل أبداً إلى لحظة إطلاق برنامج البودكاست. فالخطأ من طبيعة البشر، وحتى أشهر برامج البث الصوتي أو الجيبي (البودكاست) لا تهتم كثيراً بإنتاج برنامج مثالي، بل لا تخلو من البساطة والأخطاء الطبيعية.
ولتجاوز هذه العقبة، كُن على طبيعتك، اتّبع القواعد الصحيحة في التخطيط والإنتاج، وكن وسطاً بين من لا يُبالي نهائيًّا بالجودة وينتج برنامج مشوّهاً كثير الأخطاء والعيوب، وبين من يحاول أن يكون كاملاً مثاليًّا.
وتذكّر دائماً: أن تبدأ بمستوى عادي وتتطور مع الوقت واكتساب الخبرة خيرٌ من ألاّ تبدأ أبداً.
٤– الخوف من النقد:
لا يزال أحد أهم الأسباب التي تمنع الراغبين في إطلاق برامج البودكاست من البدء بذلك: الخوف من النقد، والحقيقة أن النقد الهادف البنّاء ليس سيِّئاً بل هو وسيلة ممتازة لتصحيح الأخطاء والتطوير، فجمهورك سيساعدك عبر النقد الهادف إلى تحسين جودة برنامجك وتصحيح مساره إن احتاج إلى ذلك.
أما النقد السيّئ غير الهادف، فلا تلتفت إليه أبداً، وتجاهله تماماً.